دور الإمارات الإنساني في السودان
لا يختلف أحد من المراقبين على الدور الإنساني الذي تلعبه الإمارات على المستوى العالمي، ولا شك في أن هذا الدور يزداد عمقاً وأثراً، عندما يتعلق الأمر بالأشقاء العرب، الذين تعتبرهم الإمارات عمقاً استراتيجياً لها.
في السنوات الأخيرة مدت الإمارات الأيادي للأشقاء العرب الذين تعرضت دولهم لهزات اقتصادية وسياسية ونكبات وصراعات خاصة، بعد ما يسمى ب«الربيع العربي»، الذي كان خريفاً ونكبة للشعوب العربية، وما كان للإمارات أن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى الشعوب الشقيقة تعاني ويلات الخراب والدمار، فما كان منها إلا أن قدّمت كل ما تستطيع من دعم إنساني لتلك الشعوب.
وعلى رأس هذه الدول الشقيقة السودان، الذي يتربع شعبها في قلب ووجدان الشعب الإماراتي، لأنه يمثل العمق العربي في قلب إفريقيا، علاوة على ما يربط بين الشعب الإماراتي وشعب السودان من وشائج الأخوة والقربى.
لقد أولت القيادة الرشيدة عناية كبيرة بالسودان وشعبه، وتم فتح أبواب الإمارات أمام الأخوة السودانيين، للمساهمة في النهضة الإماراتية. ومثّلت العلاقات بين الدولتين الشقيقتين، على امتداد تاريخها، نموذجاً للعلاقات بين الدول في العالم.
وقد امتدت أيادي الإمارات البيضاء، على امتداد مراحل العلاقات بين الدولتين لمساعدة السودان، في لحظات ضعفه، لكي يبقى قوياً في وجه الأخطار التي تهدده، ففي عام 2019 قدمت دولة الإمارات دعما للشعب السوداني، حيث أعلن صندوق أبوظبي للتنمية توقيع اتفاقية مع البنك المركزي السوداني، يودع بموجبها الصندوق 250 مليون دولار في البنك المركزي السوداني، بهدف دعم السياسات المالية للبنك وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي في السودان.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فعندما اجتاحت الفيضانات والسيول مناطق واسعة من الأراضي السودانية في أغسطس/ آب عام 2022، كانت دولة الإمارات من أولى الدول التي استجابت للوضع الإنساني في السودان، حيث أعلنت، بتوجيهات من القيادة الرشيدة، تقديم مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 25 مليون درهم إلى المتأثرين والنازحين، وقامت بالمساهمة في دعم وتحسين الظروف المعيشية للسكان المتضررين وعائلات الضحايا.
وخلال المشاركة في اجتماعات المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان التي جرت في العاصمة الفرنسية باريس في إبريل/ نيسان الماضي، أكدت دولة الإمارات التزامها بدعم الجهود الدولية، لوقف فوري ودائم لإطلاق النار، وإيجاد حل سلمي للأزمة، ومواصلة مساندة الشعب السوداني، كما تعهدت بتقديم 100 مليون دولار دعماً للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار. وقد خصصت سبعين في المئة من تعهدها الذي أعلنت عنه في المؤتمر الدولي المذكور، إلى وكالات الدعم والمنظمات الإنسانية والإغاثية، دعماً للجهود الإنسانية في السودان، ويشمل النهج الذي تتبعه دولة الإمارات تقديم كافة أنواع المساعدات، ولا سيما الغذائية والصحية، وحماية النساء والأطفال، وتوفير سبل العيش والمأوى في حالات الطوارئ، ما يؤكد التزامها بمعالجة مختلف جوانب الأزمة الإنسانية في السودان.
وفي خطوة لاحقة، واستكمالًا للدور الإنساني الذي تلعبه الإمارات للتخفيف من معاناة الشعب السوداني الشقيق، خصصت دولة الإمارات ثمانية ملايين دولار لمنظمة الصحة العالمية، بهدف معالجة الأزمة الإنسانية في السودان، كما وقعت دولة الإمارات اتفاقية مهمة مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) لمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان، ومنع خطر المجاعة الوشيك. واستلمت المنظمة المذكورة خمسة ملايين دولار من المخصصات المقدمة من دولة الإمارات، والتي تم توجيهها نحو مشروع تخفيف المجاعة في السودان، ودعم أصحاب المشروعات الزراعية الصغيرة والأسر الرعوية المتضررة.
وأبرمت دولة الإمارات والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في شهر يونيو/حزيران الماضي، اتفاقية تقدم من خلالها دولة الإمارات 20 مليون دولار أمريكي لدعم العمليات الإنسانية للمفوضية في السودان والدول المجاورة.
وبالتوازي مع دعم الجهود الإنسانية لتخفيف وطأة الأزمة عن الشعب السوداني، تبذل دولة الإمارات جهوداً سياسية ودبلوماسية لوقف التصعيد، ودعم الحوار بين طرفي النزاع، ومنذ بدء الأزمة السودانية وقفت دولة الإمارات على الحياد، ووضعت نصب عينيها مصلحة الشعب السوداني أولاً، ودعمت تطلعاته نحو مستقبل سلمي وآمن، وقد أكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان لها في 9 مارس/آذار الماضي: «دعم الإمارات لكافة الجهود المؤدية إلى تخفيف التصعيد، ووقف إطلاق النار، وبدء الحوار السياسي، لتحقيق كل ما يخدم مصالح الشعب السوداني الشقيق، ويقود إلى استعادة السلم والأمن والأمان، ويحقق تطلعات الشعب السوداني في الاستقرار والازدهار».
إن موقف دولة الإمارات ثابت وراسخ تجاه دعم مختلف الجهود العربية والدولية، من أجل تحقيق السلام والاستقرار في السودان، كما أنها تعمل مع الشركاء في العالم من أجل التوصل إلى حل سلمي للصراع.
ولا يمكن للادعاءات والأكاذيب أن تؤثر في هذا الموقف، خاصة تلك التي تصدر عن قوى لها أطماع في السودان لا تخفى على أحد. ويأتي الهجوم على مقر إقامة سفير دولة الإمارات في الخرطوم في هذا الاتجاه، وهو هجوم يمثل اعتداء على دولة الإمارات نفسها، ويمثل انتهاكاً صارخاً للمبدأ الأساسي المتمثل في حرمة المباني الدبلوماسية.
إن دولة الإمارات ستظل وفية لمبادئها وقيمها النبيلة، ووفية لعروبتها وأصالتها، وستبقى إلى جانب أمتها وشعوبها وفي طليعتها شعب السودان الشقيق.
Comments
Post a Comment